ليست هذه الدورة مجرد تعليم لألوان الجدران أو اختيار الأثاث المناسب، بل هي رحلة لاستكشاف الفراغ كلوحة فارغة تنتظر بصمت إبداعك. في عالمٍ تمتلئ فيه المساحات بالقطع الجاهزة التي تفتقر إلى الروح، يأتي مصمم الديكور الداخلي ليضفي على الجدران حياةً، وعلى الأرضيات توازنًا بصريًا، وعلى الأثاث دفءً يشبه حضن المنزل.
تبدأ رحلتك بفهم دور الضوء في تحوّل المساحة؛ فهل سمعت يومًا كيف يمكن للشمس أن تجري لُعْبَتَها عبر نافذةٍ كبيرة فتبدو الغرفة وكأنها تنبض بالحركة؟ أو كيف يربت الضوء الخافت على زاوية مختارة ليجعل ركن الجلوس وكأنه يحتضن القارئ في لحظة هدوء؟ في هذه الدورة، ستتعلم كيف تُحرّر ضوء النهار من الاختفاء خلف الستائر، وكيف تبتكر مصادر إضاءة داخلية تُحوّل المساحة إلى لوحة تروي قصةً كلما غابت الشمس واختفت الألوان.
ثم تنتقل لتفكيك الفراغ نفسه: كيف يقسم المصمم الجيد المساحة البصرية بين منطقة المعيشة ومنطقة الضيوف، بين ممرٍ يفتح النوافذ وأخرى يقود الأبواب الجديدة إلى الغرف. ستكتشف أن الخطوط الواضحة والمسطّرة على المخططات ليست مجرد أسطرٍ هندسية، بل أطرٌ توجّه النفس لترتاح، أو توجّه العين لتبحث عن محورٍ جديد. ستتعلم كيف يُعاد تفسير القطعة القديمة—كأريكة قديمة أو طاولة خشبية مستعملة—في حلةٍ جديدة، بحيث تأخذ مكانتها المناسبة دون أن تسرق البُعد البصري من بقية الغرفة.
وعندما يأتي دور الألوان، لا نتحدث هنا عن لوائحٍ جامدة في تدوين درجات الريم أو الفيروزي. بل سنغوص في طبيعة الشعور الذي يخلقه اللون؛ سنشعر بالدفء حين تختار الدرجات الترابية لجداريات الجدران، ونحس بالانتعاش حين تعانق ظل الأزرق البارد المساحات العالية. ستعلم كيف يُمكن لتركيبة بسيطة بين لونٍ وحيدٍ في الجدران وتضادٍّ خفيف مع الأثاث أن تبعث في المكان حالةً من الجاذبية التي لا تحتاج إلى كلمات.
وليس التصميم الداخلي مكتفٍّا بإيديوغرافٍ بصري؛ بل يمتد ليشمل ملمس المواد. سنستكشف معًا سحر الأقمشة الطبيعية—كالكُتَان والخيش—التي تشعر بها يداك قبل أن يراها عيناك، وكيف يُمكن للأرضية الخشبية أن تُضيف دفئًا يتغلغل في أرجاء الغرفة، ويمنح المكان صوتًا هادئًا حين تسير عليه قدماك. سنعرف لماذا يختار البعض الحجر البارد في ردهات المنازل الفخمة، وكيف يختار آخرون البلاط الصقيل لضمان سهولة التنظيف دون أن يعتم جمال الفراغ.
في هذه الدورة، ستكتسب الخبرة العملية التي تبدأ من رسم المخططات على ورقٍ بسيط، ثم تتحوّل إلى نماذج ثلاثية الأبعاد تستطيع التجوّل بداخلها قبل أن تُطبقها على الواقع. ستتعلم كيف تُنسّق بين الأثاث والملحقات بأبعادٍ دقيقة، وكيف تُخفّض الازدحام البصري عند الجدران وتتيح للعناصر المهمة فرصة التألق. وعندما تنتهي من اختيار كل قطعة، سيحين وقت تنسيق الديكور الصغير: الوسائد التي تضفي لمسة نهائية، واللوحات التي تحكي قصةً، والنباتات التي تزدهر في أصدق أماكنها.
خلال هذه الرحلة، لن يقتصر دورك على تطبيق أفكار الآخرين؛ بل ستكتشف الفكرة الخاصة بك كلما احتضنت جدارًا ناقصًا أو زاويةٍ مهملة. عليك أن تتعلّم كيف تجعل الفراغ يتنفس، وكيف تجعل الشخص حين يدخل إلى هذا المكان يشعر وكأنه يعود إلى ذاته؛ حيث يجد السلام في كل زاوية، والدفء في كل ظلّ.
تصميم الديكور الداخلي يبدأ هنا، حيث تتحول الجدران إلى لوحاتٍ، والأثاث إلى رموزٍ تروي قصصًا، والإضاءة إلى بوحٍ صادقٍ يعبّر عن شخصيتك. في نهاية هذه الدورة، ستخرج وأنت تحمل المفتاح الذي يفتح أمامك أبواب المنازل، لتجعل كل غرفة تحفةً تعكس ذوقك وحسّك الجمالي وحبك للتفاصيل الصغيرة التي تُصنع فارقًا كبيرًا.