ليست هذه الدورة مجرد دروس تقنية في ضبط الكاميرا وتشغيلها، بل هي رحلة لاكتشاف العين التي ترى ما وراء اللحظة الصامتة. في عالمٍ تتهافت فيه الصور بلا انتهاء، يبقى الفرق بين صورة تُحفظ في الذاكرة وصورة تُنسى هو الرؤية التي يقودها المصوِّر لا الكاميرا وحدها.
في أساسيات التصوير الفوتوغرافي، سنتعلّم كيف ننظر إلى المشهد كما لو كان كتابًا مفتوحًا، نصغي إلى الضوء الذي يتسلّل من بين الشقوق، ونقرأ القصة التي ترسمها الظلال قبل الألوان. سنبدأ بفهم الكاميرا باعتبارها مرآة للعالم، لا آلةً باردة تُسجّل اللحظات فحسب، بل أداة نبني بها حوارًا بصريًا مع الواقع. من خلال هذا الحوار، ستبرد الحيرة أمام مصطلحات مثل «فتحة العدسة» و«سرعة الغالق»، لتصبح مفاتيحٍ تفتح أمامك بوابات التعبير البصري.
عندما تتعلّم الضبط الصحيح للفتحة وسرعة الغالق وحساسية الضوء (ISO)، لن يكون هدفك فقط «التقاط صورة»، بل ستسعى لصناعة لحظاتٍ تحمل إحساسًا؛ كأنك ترسم ضوء الصباح أو تجمد قطرات المطر في الهواء. سننتقل بعد ذلك إلى قواعد التكوين البصري: كيف تختار الزاوية التي تجعل من مشهدٍ عاديٍّ لوحة حيّة، وكيف تستخدم خطوط الأفق والتماثل للتأثير في نظر المشاهد وجذبه نحو نقطةٍ مركزية تحمل المعنى.
ولكن التصوير لا يقتصر على الجانب التقني. سنتعرّف أيضًا على أهمية الصبر للحظة المناسبة—للابتسامة العابرة، أو لتراقص أوراق الشجر في النسيم—حيث تصادف أحيانًا لحظةً قصيرة تفوق ساعاتٍ من الإعداد. سنتمرّن على ملاحظة التفاصيل الصغيرة: انعكاس شمس الغروب في نافذةٍ مهجورة، أو نظرةٍ عابرةٍ في وجه طفل. هذه التفاصيل تحوّل الصورة من مجرد إطار إلى قصيدة تُحكى بلا كلمات.
وبالرغم من جمال الخيال، سنتعامل عمليًا أيضًا مع تحرير الصور؛ فبعد أن تأسر اللحظة بكاميرتك، تحتاج أحيانًا لأن ترويها بألوانٍ أوضح وتباين دقيق، دون أن تغيّر حقيقتها الأصلية—تمامًا كما يبحث الكاتب عن الكلمة الأنسب دون أن يغيّر جوهر القصة. سنتعلّم أدوات بسيطة، مثل ضبط التباين والتشبع والظلال، حتى تصبح الصورة جاهزةً لأن تُعرض كتحفةٍ صغيرةٍ تستحقّ الوقوف أمامها.
إذا كنت ممن يتساءلون: «هل يمكن لأي أحد أن يصبح مصوِّرًا؟»
فالجواب هو: نعم، إذا تعلّمت أن ترى العالم بعيونٍ صافية، وأن تخلّد اللحظات التي تتخطى حدود الوهج البصري. في نهاية هذه الدورة، لن تتعلم فقط أن تضبط الكاميرا، بل ستعيد اكتشاف طريقة رؤيتك للحياة؛ وستحمل معك قدرةً جديدة لتجمد الزمن بكبسة زرّ، وتروي القصص التي تستحق أن تُروى.